الرد على من أحتفل بليلة السابع والعشرين من رجب
كتبه / محمد بن صالح العثيمين
الحمد الله على إحسانه وأشكره على توفيقه وامتنانه
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ألوهيته وربو بيته وسلطانه
وأشهد أن محمد عبده ورسوله المؤيد ببرهانه الداعي إلى جنته ورضوانه
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأعوانه وسلم تسليماً
كثيرا...
أما بعد
أيها الناس فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر الصوم في شهر شعبان كان يصومه كله إلا قليلاً وعلى هذا فينبغي للمسلم أن يكثر من الصيام فيه اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم وأما الصيام في رجب فإن ذلك ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم .
ولا شك أن شهر رجب هو أحد الأشهر الأربعة الحرم التي قال الله فيها ( إن عدة الشهور عند الله أثنى عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ) وهي ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب، ولكن لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خصه بصيام ولا قيام وتخصيصه بصيام أو قيام هو من البدع.
أما شهر شعبان فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر من الصيام فيه وإننا لنعجب أن يغتر أكثر المسلمين في شهر رجب فيقيمون الاحتفالات ليلة السابع والعشرين منه بحجة أنها الليلة التي أسري فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم وعرج به فيها إلى السماء ولا ريب أن النبي صلى الله عليه وسلم أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ولا ريب أنه عرج به من الأرض إلى السماوات العلا كل هذا حق ثابت نؤمن به ولكننا لم يثبت عندنا أنه أسري به وعرج به في شهر رجب.
وأقرب ما يكون صحيحاً أنه اسري به وعرج به في ربيع الأول وليس في رجب وعلى كل حال فلو ثبت أنه أسري به في ليلة معينة من السنة فإنه لا يجوز للمسلمين أن يحدثوا لها احتفالاً ولا عيداً لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدث لها احتفالا ولا عيداً.
وحقيقة حال من أحدث لها احتفالاً أو عيداً حقيقة حاله أنه قادح برسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه ما من شك أن نعمة الإسراء والمعراج على النبي صلى الله عليه وسلم أعظم من كونها نعمةً على هذه الأمة
وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقم لهذه النعمة احتفالاً ولا عيداً فإما أن يكون غير شاكر لها وحاشاه أن لا يكون شاكراً لنعمة الله وإما أن يكون غير عالم بما تستحق من الشكر وحاشاه أن يجهل شئ من شريعة الله وكل هذين الأمرين باطلان فإذا تبين بطلانهما تبين أن إقامة الاحتفال لها باطل أيضاً وأنه يستلزم علم رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر وحاشاه من ذلك ولا يجوز للمسلم أن يتخذ طريقاً إلى الله لم يشرعه الله .
لأن من أتخذ طريقاً إلى الله لم يشرعه الله فقد شارك الله في حكمه وجعل نفسه شريكاً مع الله في تشريع ما لم يعلم به الله فعلى المسلم أن يكون أديباً بين يدي الله ورسوله وأن لا يقدم بين يدي الله ورسوله وأن يستحضر دائماً قول الله عز وجل (يا أيها الذين أمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله أن الله سميع عليم يا أيها الذين أمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون )
إن رفع الصوت فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم كما يراد به رفع الصوت نطقاً فهو أيضاً يراد به رفع الصوت معنى والذين يحدثون في دين رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي شريعته ما ليس منهما قد رفعوا أصواتهم فوق صوت النبي فعليهم أن يتوبوا إلى الله وأن يرجعوا من هذه البدع التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم(كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار )
أسال الله تعالى أن يبصر المسلمين بما فيه صلاح دينهم وديناهم وأن يجعلهم مؤمنين يكونون إذا قضى الله ورسوله أمراً لا يكون لهم الخيرة من أمرهم يلتزمون بشريعة الله وهم على خير إذا نفذوها وهم على غير خير إذا أحدثوا فيها ما ليس منها فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
(شر الأمور محدثاتها ) وأعلموا أيها المسلمون أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال جل من قائل عليما ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما )